ثمّ يضيف القرآن على الجملة آنفة الذكر معقّباً ( ألم تر أنّهم في كل واد يهيمون ){[2970]} .
فهم غارقون في أخيلتهم وتشبيهاتهم الشعرية ،حتى أن القوافي تجرهم إلى هذا الاتجاه أو ذاك ،ويهيمون معها في كل واد ...
وهم غالباً ليسوا أصحاب منطق واستدلال ،وأشعارهم تنبع ممّا تهيج به عواطفهم وقرائحهم ...وهذه العواطف تسوقهم في كل آن من واد لآخر !...
فحين يرضون عن أحد يمدحونه ويرفعونه إلى أوج السماء ،وإن كان حقه أن يكون في أسفل السافلين ،ويُلبسونه ثوب الملاك الجميل وإن كان شيطاناً لعيناً ...
ومتى سخطوا على أحد هجوه هجواً مراً وأنزلوه في شعرهم إلى أسفل السافلين ،وإن كان موجوداً سماوّياً .
تُرى هل يُشبه محتوى القرآن الدقيق المنطلقات الشعرية أو الفكرية للشعراء وخاصّة شعراء ذلك العصر ،الذين لم تكن منطلقاتهم إلاّ وصف الخمر والجمال والعشق والمدح لقبائلهم وهجو أعدائهم ...