{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً} أواجه به الأشياء والقضايا والأشخاص بالرؤية الواضحة التي تتوازن فيها المعطيات التي تحيط بالأمور ،أو تتعمق في داخلها ،فيصدر عني الحكم عليها بطريقةٍ متوازنة سديدة ،لا تخضع للخطأ في التقدير ،ولا للخلل في فهم الموقف ،في ما يتصف به الحسّ الاجتماعي من وعيٍ للمجتمع لما يصلحه ولما يفسده ،وما يختزنه العقل من عمق الحكمة ،ودقة المعرفة ،ولما تتحرك به الخطى من تركيز واستقامةٍ .وهذا ما يطلبه المؤمن لنفسه عندما يريد العيش بين الناس كعنصر حيٍّ فاعلٍ في إدراكه للأمور وتقديره لحدودها ،وفي إصدار الأحكام عليها بشكل حاسمٍ دقيق ،حتى لا يبقى حائراً أمام الجهل ،ومهتزاً أمام العواصف ،فيكون الإنسان الذي يعرف ما يريد لنفسه ،وما يريده للناس في ميزان المسؤولية العامة والخاصة ،وهذا ما يعطيه الله للأنبياء الذين يرسلهم إلى الناس ليقودوا الحياة من خلال رسالاتهم ،التي أوحى الله بها إليهم ،وليعرفوا كيف يحركونها في وعي الناس وضمائرهم وحياتهم ،من خلال ما ألهمهم الله من الحكمة البليغة ،وما عرَّفهم من نتائج التجربة الواعية .
{وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} بتوفيقي للأخذ بأسباب الصلاح في أفكاري وأعمالي ،بأن تقودني إلى السير في طريق الصالحين ،فأقدّم إليك الطاعات وأجتنب المعاصي ،حتى أكون جزءاً من المسيرة الطويلة التي يخلف فيها الصالحون الصالحين ،حيث يجتمعون غداً في جنتك ،ويعيشون معاً في رضوانك .