{وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ} فهم من الوثنيين الذين يعبدون الشمس ولا يعبدون الله{وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} فقد استغرقوا في الإحساس بعظمة هذا الكوكب العظيم ،بحيث خُيّل إليهم أنه الإِله ،وغفلوا عن التفكير العميق بأنه مخلوقٌ لله ،وخاضعٌ لإرادته ،من خلال ما جعله الله له من نظام دقيق في حركته وخط سيره ،وابتعدوا عن الانفتاح على الله ،بقدرته المطلقة المتمثلة بجميع خلقه ،في ما يدل عليه وجودهم وقدرتهم بأنهم مربوبون لرب عظيم ،فهو الغني عنهم بذاته ،وهم المحتاجون إليه بطبيعة وجودهم .
وهكذا قادهم الشيطان إلى الشعور بأنهم على حق ،وأن أعمالهمكلهاصواب ،فحجب عنهم الرؤية الواضحة للأشياء{فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} المستقيم ،لأن السير عليه يفرض الالتفات إليه ،والمعرفة لبدايته ونهايته ،كما يفرض الرغبة في سلوكه من موقع النتائج الطيبة التي قد يحصل عليها من خلال ذلك{فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ} بعد أن فقدوا ملامح الصورة للواقع الذي يحيط بهم ،أو يطلّ عليهم ،فأضاعوا سبيل الهدى ،وابتعدوا عن الفطرة الصافية الكامنة في أعماقهم التي تدلهم على مواقع الشروق في حركة الحقيقة في الكون والفكر والإحساس العميق .