{فَلَمَّا جَآءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ} هل يشبه شكله شكله ؟وهل ترين فيه الصورة الدقيقة كما لو كان نسخة أخرى عنه ؟{قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} في دقّة الملامح وتفاصيل الصورة ،ولكن ليس من المعقول أن يكون هو ،لأنه لا يزال هناك في مكانه في اليمن ،فكيف يمكن أن يكون هنا ؟
{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا} في ما استطعنا أن نصل إليه من معرفة حقائق الأشياء التي تقود إلى الهداية ،{وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} لله في اطلاعنا على آياته ودلالاتها على الحق المنطلق في رحاب الله ،والمنزل منه .والظاهر أنه نوع من التعليق على موقفها الحائر ،وخطها الضال ،لأنها لا تملك القاعدة التي تعطيها سعة المعرفة وشمولها بالمستوى الذي يجنبها الضلال ،وربما كان المتكلم به هو سليمان .وقيل إنه من كلام الملكة ،فهي لما رأت العرش وسُئلت عن أمره ،أحست أن ذلك منهم تلويحٌ إلى ما آتى الله سليمان من القدرة الخارقة للعادة ،فأجابت بقولها:{وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا} الخ ..أي لا حاجة إلى هذا التلويح والتذكير ،فقد علمنا بقدرته قبل هذه الآية أو هذه الحالة{وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} لسليمان طائعين له .
وهذا الوجه غير ظاهر ،لأن الجو الذي يوحي به السياق ،هو التأكيد على الضلال الناشىء من الجهل الذي كانت تتخبط فيه ويمنعها عن الإسلام الذي دعاها إليه سليمان ،كما أنه لم يظهر من طبيعة حركة الموقف في القصة قبل هذه المرحلة ،ما يوحي بوجود أساسٍ للعلم بقدرته الغيبية الدالة على مواقع الإيمان برسالته ،ما يقتضي الإسلام له والطاعة لقيادته ،