{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} في أجواء يوم القيامة ،في ما يظهر من سياق الآية بأن الله يسيّر الجبال ويحركها من أماكنها في سرعة قياسيةٍ ،تماماً كما هو السحاب عندما يسير في الفضاء في خفته وسرعته ،ولكنها لفرط سرعتها لا يحس بها الإنسان فيحسبها ثابتةً ،وذلك لأن الجرم الكبير إذا سار في سمتٍ واحدٍ وخطٍ مستقيم ،فلا تدرك الأبصار حركاته لضخامته وبعد أطرافه ،لا سيّما إذا كان الرائي بعيداً عنه .
وقد حاول بعض المفسرين الاستدلال بهذه الآية على دوران الأرض وحركتها ،ولكنها على خلاف ظاهر السياقكما أشرنا إلى ذلك آنفاًلا سيما أن هناك أكثر من آيةٍ تتحدث عن تسيير الجبال كعلامةٍ من علامات يوم القيامة .
{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شيْءٍ} في وجوده وحركته ،وذلك بما أودعه في داخله من القوانين الطبيعية التي تنظم حركة الوجود كله في جميع مفرداته وتفاصيله ،وهذا ما يلاحظه العلماء في دراستهم للظواهر الكونية ،حيث يرون النظام الدقيق يحكم كل واحدٍ منها ،من دون أيّ انحراف أو ميل عن الوضع الطبيعي المتقن .
{إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} فهو الذي خلقكم كما خلق الأشياء كلها ،ويعلم كل ما تفعلونه من خلال إحاطته بكل ما تتحرك فيه عقولكم وأجسادكم في ما تخفيه وتعلنه من أقوالٍ وأفعالٍ .