{وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ} ووصل إلى جهة هذه البلدة ورأى دلائل العمران ،{قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السَّبِيلِ} وقد يكون وصوله إلى هذه البلدة بعد سفر طويل في الصحراء في مدى ثمانية أيام ،كما يقال ،منطلق فرحٍ روحيّ بأن الله لم يُسلمه للضياع ،ولم يخذله في مسيرته ،بل أوصله إلى شاطىء الأمان .فها هو الآن في بلد ،لا سلطة لفرعون عليه ،ولكنه كان يعيش في قلقٍ داخليٍّ ،غريزيّ ،لأنه لا يدري ما ينتظره في هذا الجو الجديد الذي لا يعرف فيه أحداً .فرجع إلى ربه ،وبدأ يحدث نفسه عن اللحظة التي يهديه فيها الله إلى السبيل السويِّ الذي يبلغ به هدف الطمأنينة في حياته انطلاقاً من رعاية الله له في ماضيه ،وعنايته به في حاضره .