{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الاَْرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فتمردوا على الحق بعد إذ جاءهم وعاندوا من موقع الاستكبار بعد قيام الحجة عليهم من جميع الجهات ..وتلك هي نتائج العقلية المستكبرة التي تعمل على اضطهاد الحقيقة عندما تتحرك في مواقع المستضعفين ،أو تهدد مواقعهم في سلطانهم ،أو تدعوهم إلى التنازل عن امتيازاتهم ،فيعيشون الصراع الداخلي بين قوّة الحقيقة في منطقها ،وضغط الامتيازات في مطامعهم ومطامحهم ،بالإضافة إلى احتقار الآخرين في دوائرهم الصغيرة الضعيفة ،فيتغلب عليهم طابع الاستكبار ويدفعهم إلى العناد الأعمى الذي يبحث عن ذاته ،فيعمى عن رؤية الحق في داخلها ،أو يتعامى عن ذلك ،فلا يُدرك النتائج التي تهدد مصيره ،فيبقى مستغرقاً في اللحظة الحاضرة فلا يفكر بالمستقبل .
وهكذا كان فرعون وجنوده الذين خيّل إليهم ،في حالة غياب الوعي عن وجدانهم ،واستغراق الشهوات في تفكيرهم ،أنهم خالدون في الدنيا ،وذلك في ما حدثنا الله عنهم بقوله:{وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} ولكنه ليس الظن الذي ينطلق من موقع الشبهة كما لو كانوا يعيشون مشكلةً فكريةً تتحدى فكر الإيمان ،بل هو الظن الناشىء من حالة الغفلة المستغرقة في أجواء اللاّوعي الغارق في الأطماع والشهوات ،ما يجعلهم يوحون بذلك من خلال حركتهم مع الناس على نهج قوله تعالى:{وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ} [ النمل: 14] ،