من نوح إلى إبراهيم في رحلة الرسالة
وهذا فصلٌ جديدٌ من السورة يفصِّل الله فيه ما أجمله في صدرها من أنه قد فتن الذين من قبلنا ،في ما واجهوه من التحديات الكافرة التي تحدى بها الكفار رسل الله عندما دعوهم إلى الإسلام ،في عقيدته ومنهجه .
إرسال نوح إلى قومه
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} ليدعوهم إلى عبادة الله الواحد ،{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً} بحيث استنفد كل تجاربه في وسائل الدعوة إلى الله ،فلم يترك كلمةً من كلمات الهدى إلا وقالها ،ولم يدع أسلوباً من أساليب الإقناع بالإيمان إلا واستخدمه بكل حكمةٍ ولباقةٍ وعقل ،فلم يستجيبوا له ،بل أصرّوا على الاستمرار في عبادة الأوثان ،وسخروا منه ومن دعوته ،{فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ} الذي غمر الأرض بالماء حتى ارتفع إلى الجبال ،فلم يبق هناك ما يعصم من أمر الله{وَهُمْ ظَالِمُونَ} لأنفسهم بالكفر ،وللحياة وللإنسان بالتمرّد والطغيان ..فكان الطوفان عقاباً دنيوياً على ذلك .