{وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيات مِّن رَّبِّهِ} كما أنزل على سائر الأنبياء ،كموسى الذي أنزل الله عليه معجزة العصا واليد البيضاء ،وعيسى الذي أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله .وهكذا فإن النبي لا بد له من آية بيّنةٍ تقلب النظام المألوف للأشياء .{قُلْ إِنَّمَا الاَْياتُ عِندَ اللَّهِ} فليست من قبيل اقتراح يطرح عليه ،بل هي نوع من التدبير الإِلهيّ الذي يستقل به الله في كل المواقف والذي يرى فيه الحكمة والمصلحة للعباد ،كما في الحالات التي لا يملك النبي فيها أن يدخل إلى المجتمع إلا من خلال القوة غير المنظورة التي تجعله في خط المواجهة القوية للقوى النافذة في مواقع السلطة ذات التأثير الكبير على الناس .وبذلك تكون المعجزة رداً للتحدي من ناحيةٍ وقائيةٍ أو دفاعية ،وتمهيداً لحركة الرسالة من موقع قوّة ،في الوقت الذي تحتاج فيه إلى ذلك في بدايتها ،وليست أسلوباً من أساليب إثبات الرسالة التي يراد للعقل أن يقتنع بها من خلال معطياته العامة .ولذلك كان جواب الرسول محمد( ص ) في ما أراده الله أن يجيب به قومه ،أنه لا يملك الآيات الخارقة للعادة ،وليس من مهمته أن يقدمها للناس لتكون جزءاً من رسالته ،بل هي تابعةٌ للإرادة الإِلهية وللتدبير الإِلهي في ما يراه الله سبحانه من الحكمة والمصلحة .{وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} لأنذركم بالنتائج الصعبة التي تنتظركم في ما تتحركون به في اتجاهها ،ولأُحاول إقناعكم بالأفكار والمبادىء التي أوحى بها الله إليّ ،لتكون حياتكم خاضعةً لها في مفاهيمها وحركتها في إطار العمل والمواقف والعلاقات .