{بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ} فهم يعرفون روعته وعمقه ،ويحفظونه من الضياع ،وذلك في ما يفهمونه منه ويبلغونه من معانيه ،وبذلك لا يقتصر حفظه على الكتابة ،بل يمكن أن يحفظه هؤلاء الذي يحملونه في صدورهم ،كعلمٍ يختزنونه فيبلغونه للآخرين .وقد ذكر بعض المفسرين أنه إضراب عن مقدّر يستفاد من الآية السابقة ،كأنه لما نفى عنه( ص ) التلاوة والخط معاً ،تحصّل من ذلك أن القرآن ليس بكتاب مؤلّفٍ مخطوط ،فأضرب عن هذا المقدّر بقوله: بل هوأي القرآنآيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ،وربما يكون بياناً لما يمثله الكتاب في صدور أهل العلم من وضوح دلائله في مفاهيمه وإيحاءاته ،في مقابل المبطلين الذين يجحدونه ،لأن أخذهم بأسباب العلم يجعلهم في موقع الواعين له ،المرتبطين به ،فلا يهملونه ولا يجحدونه ،{وَمَا يَجْحَدُ بَِايَاتِنَآ إِلاَّ الظَّالِمُونَ} الذين ظلموا أنفسهم بالكفر وبالشرك ،فعاشوا في غيبوبةٍ بليدةٍ عن مواقع الوعي ،فلم ينفتحوا على آيات الله ،بل واجهوها صمّاً وعمياناً وجحدوها من خلال العُقدة المستحكمة في نفوسهم ،لا من خلال الفكر الذي يملك برهان الرفض .