{بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} .
المفردات:
الظالمون : الذي ظلموا أنفسهم وجحدوا وجه الحق .
التفسير:
القرآن العظيم حفظه الله من التغيير والتبديل بطريقتين الأولى: حفظه في الصدور والثانية: حفظه في السطور .
فقد كان المسلمون يهدرون بالقرآن ليلا ونهارا ،سحرا وقبل الفجر في السلم والحرب ،وكانت أناجيلهم صدورهم ،يقرؤون عن ظهر قلب كما أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ لنفسه كتابا يكتبون الوحي على العظام ،وجريد النخل والكاغد وهو الورق الغليظ- وما تيسر لهم من وسائل الكتابة .
وانتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى والقرآن محفوظ في الصدور ومكتوب في السطور .
ثم استشهد سبعون من القراء في معركة اليمامة ،فأشار عمر على أبي بكر بجمع القرآن في كتاب واحد ،فعهد أبو بكر إلى زيد بن ثابت كاتب الوحي بكتابة المصحف في كتاب واحد خشية أن يضيع منه شيء بموت القراء .
وقد كان القرآن يقرأ على سبعة أحرف فتغالط القراء وتعصب كل حافظ للقرآن للطريقة والقراءة التي حفظ بها ،فأشار المسلمون على عثمان بكتابة المصحف باللغة القرشية ،على لهجة واحدة وهي اللغة الأم وإحراق ما عداها من اللهجات .
وظل المصحف العثماني في يد المسلمين إلى يومنا هذا ،فالجمع في عهد أبي بكر بمعنى تدوين القرآن كاملا في كتاب واحد ،والجمع في عهد عثمان هو كتابة القرآن باللغة العربية الفصحى ،ونشر القرآن في المدن الرئيسية وإحراق اللهجات العربية الأخرى ،وجمع الناس جميعا على المصحف الإمام الذي تكفل الله بحفظه فقال تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون} ( الحجر: 9 ) .
فالقرآن آيات بينات ظاهرة واضحة الصدق ،في صدور الصحابة والحافظين وإعجازه واضح للعيان ودلائل صدقه واضحة ،فهو لم يصطدم بالعلم وأتى بمعجزات غيبية وعلمية وأسلوبية وبلاغية ،تؤكد أنه من عند الله تعالى وليس من صنع بشر ،فقد تكلم القرآن عن مراحل تكون الجنين في بطن أمه وأشار إلى بدء الخليقة ،وإلى خلق السماوات والأرض ،وإلى قلة الأكسجين في طبقات الجو العليا وإلى تطور العلوم في آفاق الكون وآفاق النفس وتميز القرآن بالصحة والصواب وعدم الاضطراب قال تعالى:
{أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} .( النساء: 82 ) .
{وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون} .
أي: المتعدون المكابرون الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه .
***