مَنْ هُم القريبون إلى الله الذين يفوزون بهذا القرب الإِلهي إلى قلوبهم وحياتهم ؟
مَن هؤلاء الذين يهديهم الله إلى طريقه ،ويدلّهم على آفاق رضوانه ويتعهدهم في مسيرتهم في هذا الطريق ،وفي تطلعهم إلى تلك الآفاق ؟
من هُم الذين يشعرون بأن الله معهم في إحسانهم ،يوحي إليهم بأنه معهم عندما تضيق بهم الحياة ،وتشتدُّ بهم الأزمات ،وتحف بهم الأخطار ؟
إنهم المجاهدون في الله ،الذين تحرك جهادهم في الدائرة الإِلهية ،فلا يتحركون به بعيداً عنها ،بل ينفذون في كل طاقتهم إلى ما يريده الله في جانب العقيدة والعمل ،ليؤكدوا موقفهم عنده ،وليتحركوا معه في جهاد النفس ،لتكون جديرةً في أفكارها وتطلعاتها وخطواتها بمحبة الله ،وفي جهاد الشيطان ،ليعطّلوا حركته ،وليفسدوا خططه ،وليبطلوا أثره ،وفي جهاد العدو ،ليحفظوا للإسلام قوّته ،وللمسلمين حريتهم وعزتهم وكرامتهم ،وليهزموا أعداء الله ويذلوهم ويسقطوا كل امتيازاتهم في القوّة والامتداد .
{وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} وهي الطرق العديدة المتنوعة التي تؤدي إلى الغايات التي يحبها الله في الحياة في ما يريد للإنسان أن يحققه في نشاطه وجهده من أجل بناء الحياة على الأسس الأخلاقية والروحية والعملية الثابتة ،كما تؤدي بالإنسان إلى الحصول على محبة الله ورضوانه ،والدخول في جنته .
{وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} الذين أحسنوا العقيدة ،فكانت عقيدة الحق ،وأحسنوا العمل فكان العمل الصالح ،إن الله مع هؤلاء في رعايته لهم ،ونصرته لمواقعهم ومواقفهم ،وتأييده وتسديده لكل خطواتهم في الحياة ،لأن الله قريب من كل الذين ينطلقون في مبادئهم وفي أقوالهم وأعمالهم ليتقربوا بذلك إليه ،لأنه يحب المحسنين ،وتلك هي غاية الإنسان في حياته ،وسعادته في مصيره .