{وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} وثبتوا على إيمانهم في مواقع الزلزال ،وأصروا على الاستقامة في العمل في دروب الانحراف ،فلم تغيّرهم الظروف الصعبة ،والإغراءات الحلوة ،والتهاويل القاسية ،بل زادتهم إصراراً على الثبات ،ولذلك استحقوا رضا الله ومحبته وغفرانه{لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ} في ما قد يكونون مخطئين فيه في بعض أجواء الغفلة ،أو في ما عاشوه سابقاً في زمان الكفر والعصيان بعدما انتقلوا إلى رحاب الطاعة والإيمان ،فلا يبقى من الماضي شيءٌ للمستقبل ،بل يتحرك الحاضر والمستقبل من دون أية عقدةٍ تثير الحزن ،أو أيّة مشكلةٍ تربك الحياة ،لأن الله لا يريد للإنسان أن يبقى خاضعاً لعقدة الذنب في ما أخطأ فيه في الماضي ،بل يريده أن يتحرر من ذلك ،لتتجدد روحيته في الجو النظيف الطاهر ،والأفق الصافي المشرق ،ليكون الإنسان الجديد التائب الذي تمحو توبته كل سواد الماضي ،ليبقى مجرد درس للمستقبل ،ووعيٍ لكل مشاكل الطريق{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فلا يؤثر على درجتهم التي يرفعهم الله إليها ،أيُّ شيء مما فعلوه ،أو مما قد يعلق بها من سيئاتٍ صغيرةٍ ،لا ينقص من ثوابهم شيءٌ ،لأن طبيعة العمق في إيمانهم والثبات في مواقفهم والاستقامة في خطهم ،تجعل العمل منطلقاً من الروحية العالية التي يجتمع فيها الإيمان والخير ،فيعطيه روحاً جديدة ،ومعنىً كبيراً من معاني الإخلاص لله ،والانفتاح على رضوانه .