وبعد ذلك ،فإنهم الصابرون الذين يواجهون تحديات الحياة في شهواتها ومتاعبها بصبر لا يضعف ولا ينهار ،بل يحافظ على تماسك الشخصية في خط الإيمان الصامد ،فيتحمّلونمن خلال ذلككل الضغوط ،مهما بلغت من القوة والقسوة والصعوبة .وهم الصادقون مع أنفسهم ومع ربهم ومع الناس ،فقد آمنوا بالحق ،ولا مجال معه للكذب ،لأن الكذب والخداع والتدليس والغش من الباطل ،ولا يجتمع الباطل والحق في قلب إنسان واحد .وهم القانتون العابدون لله المطيعون لأمره في كل شيء ،وهم المنفقون الذين يعيشون روح العطاء في ما رزقهم الله من مال وعلم وجاه وخبرة ،فلا يرون ذلك امتيازاً يستعلون به على الناس ،بل يعتبرونه أمانةً ومسؤوليةً يؤدونها إلى الناس ،ورسالةً يعيشون الحياة جهاداً من أجلها للحصول على رضا الله ،وهم المستغفرون بالأسحار ،المستيقظون في هدأة الليل عندما تصفو الروح ،ويطمئن القلب ،وتخفت الأصوات ،ويرقّ الليل في استشرافه لأجواء الفجر ،ويشعرون بالحاجة إلى أن يفرغوا لعبادة الله ،ويستغفروه ،ويستلهموه الصواب ،ويناجوه مناجاة الخائف المذنب ومناجاة المؤمن ،فيستريح المتعب من رحلة الذنوب إلى الواحة التي يأوي فيها إلى ظل ظليل من رضوان الله ولطفه وغفرانه ....