{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ} من وحي يختزن الفكر والمنهج والشريعة ،فإنّ فيه الهدى كل الهدى ،والنجاة كل النجاة في الدنيا والآخرة ،{قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَا} لأننا لا نريد الانفصال عن خط العشيرة في أفكارها وأوضاعها ومنهجها في الحياة ،لأن ذلك هو الذي يحقق وحدة الماضي والحاضر ،ويجمع العواطف والعصبيات في دائرة واحدةٍ ،ويصون العلاقات من التفكك والانفصام ،ويحقق الوفاء .ولكنّ هذا المنطق الذي يقدمونه ،ليس هو المنطق العاقل المنطلق من أساسٍ متين ،بل هو منطق الشيطان الذي يختبىء في داخل العواطف والمشاعر والعلاقات ،ليبعد الإنسان عن خط العقل المنفتح على الله ،وليدفع به إلى الهلاك والدمار والعذاب ،لأن الشيطان لا يدعوهم إلى ثواب الله في جنته ،بل يدعوهم إلى عذابه في ناره .
{أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ} المتمثل في هذه الدائرة التاريخية التي كانت مسرحاً لكل نزعاته وحيله ومكائده وأضاليله ،في ما كان يطل به على حياة هؤلاء الذين عاشوا فيها على أساس الجهل والتخلف ،{يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} في ما يؤدي إليه هذا الاتجاه في نهاية المطاف ؟!