{وَلَوْ شِئْنَا لآََتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} كما أعطيناها سمعها وبصرها وعقلها وشعورها ،ليكون الهدى حالةً تكوينيةً في الذات ،لا حالةً إراديةً في الخط والحركة ،ليكون الناس بأجمعهم مؤمنين صالحين .
وقد فسّرها صاحب الميزان بتفسير آخر: قال: أي لو شئنا أن نعطي كل نفس أعم من المؤمنة والكافرة الهدى الذي يختص بها ويناسبها ،لأعطيناه لها بأن نشاء من طريق اختيار الكافر وإرادته أن يتلبس بالهدى ،فيتلبس بها من طريق الاختيار والإرادة كما شئنا في المؤمن كذلك ،فتلبس بالهدى باختيار منه وإرادةٍ من دون أن ينجر إلى الإِلجاء والاضطرار فيبطل التكليف ويلغو الجزاء[ 2] .
ولكن الظاهر أن الحديث يتجه إلى مسألة التكوين القهري ،لا التكوين الاختياري ،على نهج قوله تعالى:{وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} [ هود:118] ،كما أننا لا نفهم كيف ننفي مشيئة الله للكافر أن يختار الهدى بعيداً عن الجبر والقهر ،مع أن الخط التكليفي يفرض ذلك في توجيه الإنسان إلى اختيار الهدى من موقعه الاختياري ،ولعلّ ما ذكرناه هو الأنسب بالفقرة التالية:{وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنْي لاََمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فإن الظاهر أن تحقيق هذا القول يتناسب مع إبقاء عنصر الحرية والاختيار في حركة الإنسان ،لأنه هو الذي يجعل التنوّع في الاختيار عندما يختار الكافر الكفر من موقع إرادته ،كما يختار المؤمن الإيمان من موقع اختياره ،فيدخل الله الكافرين جميعاً في جهنم ،ويدخل المؤمنين في الجنة .