تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ} فتؤخرها وتبعدها عنك في هجرانها مدّة تبعاً لظروفك الخاصة والعامة ،الداخلية والخارجية ،{وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ} أي تقربها إليك وتعاشرها من خلال طبيعة المعطيات التي تتحرك فيها أفعالك وعلاقاتك ،وليس ذلك الأمر حتماً مقضياً لازماً لك بحيث لا تستطيع الرجوع عنه ،{وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ} فتعود لتعاشرها من جديد ،أو تهجر من عاشرتها ،لأن المسألة هي أن الله يريد أن يطلق لك حريتك من خلال تشريعه الخاص في حياتك ،لتكون أكثر حرّية في شؤون بيتك من دون ابتعاد عن خط الشرع الذي جعلته الخط المستقيم في حياتك وحياة الناس ،في ما تفرضه الرسالة من ذلك .
{ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ} لأنهن يشعرن بأن الله عندما جعل الأمر إليك ،فإنه جعل لهن ضمانةً كبيرةً في الحصول على الحياة الكريمة الرحيمة ،والمعاملة الحسنة ،والميزان العادل الذي لن تختار فيه إلا ما يحقق لهن الرضا والطمأنينة وقرّة العين ،لأن إنسانية الرسالة في عمق شخصيتك ،وروحانية الشعور الرحيم في قلبك ،لا تتحركان إلا بالخير كله ،والإحسان كله ،والعدل كله .
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى قلُوبِكُمْ} في ما تختزنه من مشاعر وأحاسيس ،ويرصد طبيعة التوازن في التحرك العملي الذي يحكم مسيرة الإنسان في علاقاته مع الآخرين في طبيعة القرب والبعد ،ويحدّد لهم من ذلك ما يفرض عليهم التقيد بحدود العدل ،وما يصلح به أمرهم .
{وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً} فهو العالم بمصالح عباده ،الحليم الذي لا يعالجهم بالعقاب .