مناسبة النزول
وقد جاء في الكافي مسنداً عن محمد بن قيس عن أبي جعفر محمد الباقر( ع ) قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله( ص ): فقالت: يا رسول الله إن المرأة لا تخطب الزوج وأنا امرأةٌ أيّم لا زوج لي منذ دهر ولا ولد فهل لك من حاجة ؟فإن تك فقد وهبت نفسي لك إن قبلتني .فقال لها رسول الله( ص ) خيراً ودعا لها .
ثم قال: يا أخت الأنصار ،جزاكم الله عن رسول الله خيراً ،فقد نصرني رجالكم ورغبت فيَّ نساؤكم .فقالت لها حفصة: ما أقل حياءك وأجرأك وأنهمك للرجال ،فقال: رسول الله( ص ): كفي عنها يا حفصة ،فإنها خير منك ،رغبت في رسول الله فلمتها وعيبتها ،ثم قال للمرأة: انصرفي رحمك الله فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك فيَّ وتعرضك لمحبتي وسروري وسيأتيك أمري إن شاء الله ،فأنزل الله عز وجل{وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْاَجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} قال: فأحلَّ الله عز وجل هبة المرأة نفسها لرسول الله( ص ) ولا يحل ذلك لغيره[ 1] .
* * *
أحكام خاصة بالنبيِ( ص ) في الزواج والطلاق
في هذه الآيات حديث عن بعض جوانب الحياة الخاصة للنبي محمد( ص ) في طبيعة التشريع الإسلامي المتصل بالدائرة التي يجوز له فيها اختيار زوجاته ،مما قد يُعتبر في بعضها نوعاً من خصوصياته التي لا تجوز لغيره ،بالإضافة إلى ما يشترك فيه مع الآخرين .
{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} أي دفعت مهورهن ،لإِطلاق الأجر على المهر في موضع آخر من القرآن ،{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} من النساء اللاّتي يدخلن في أسر المسلمين خلال حربهم مع المشركين ممن يصح تملُّكهن ،وقد أباحهن الله للنبي وللمسلمين من دون تقييد بعددٍ معيّن .
{وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} دون اللاتي لم يهاجرن في ما ذكره صاحب المجمع من أن «هذا كان قبل تحليل غير المهاجرات ثم نسخ شرط الهجرة في التحليل »[ 2] .
{وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وهي المرأة التي قدّمت نفسها من دون مهرٍ للنبي ليتزوجها ،فقد أحلّها الله له ولم يحل ذلك لغيره .
{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ} في ما حدده من العدد المحصور بالأربع ،{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في ما وضعه من شروط في نكاح الجواري .
{لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً*}