ويبقى الأسلوب الهادىء الذي يريد أن يلامس الأعماق بالثقة المليئة بالقوّة ،المنفتحة على الله ،في أشدّ الأوقات حراجةً ،والواثقة بحضوره القويّ الذي ينشر إشعاعاته على العقل والقلب والحياة ،بحيث يثق المحاور المؤمن بأن الحديث عنهسبحانهفي نهاية الحوار الذي يريد الطرف الآخر أن يغلقه ،يمكن أن يفتح قلبه ،ويحطّم جموده ،ويهزّ مقاومته .
{قُلْ} لهؤلاء الذين تحاورهم ليتحدثوا إليك بما عندهم ،ولتتحدث إليهم بما عندك ،لتلتقيا على الحق الذي تدعوهم إليه من أوسع الآفاق الروحية والفكرية ،قل لهؤلاء إذا رأيتهم يعرضون عن أسلوبك الذي تنفتح عليه كل القلوب ،وتنحني أمامه كل العقول في عمقه وإنسانيته وحيويته ،ويبتعدون عن الاستماع إليك ،ويغلقون الأبواب في وجهك ،قل لهؤلاء ،وكلِّمهم بلغةٍ أخرى ،قد تجعلهم يرتعدون ويخافون عندما يجدون كلامك مليئاً بالثقة العميقة ،وبالقوّة الحاسمة ...قل لهم: مهما ابتعدتم وأعرضتم وتمردتم ،فلن ينتهي الموقف بيننا إلى اللاّشيء ،بل نصل إلى النتيجة الأخيرة بين يدي الله ،{قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا} وهو الحكَمُ العادل الذي يحكم بين الناس كلهم من موقع قوّته وعدله{ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ} ليحكم فيما بيننا ،لمن الحق وعلى من الحق{وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} الذي يفتح كل الأبواب على الحق ،ويعلم دقائق الأمور وبواطنها وأسرارها ،فهو الذي يطلع على ما قد لا يطَّلع عليه الإنسان من نفسه .