وهذه إشارة إلى قصة موسى وهارون في مواجهتهما التحدي الفرعوني ،الهادفة للتحرر من سيطرة الاستكبار المتألّه الذي كان يضغط على حرية الناس ويستذلّهم ويستعبدهم ويستضعفهم ويذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ،ويمنعهم من التمتع بأبسط شروط الإنسانية في معناها الحيّ الذي ينفتح على حرية الإنسان ،في قراره وحركة مصيره ،وعلاقته بالناس والحياة من حوله ،وكان النصر في النهاية لقوّة الرسالة الواعية الصابرة ،حيث أُسدل الستار على مشهد غلبة المستضعفين الذين عاشوا إرادة الحرية في حركة الإيمان تخلصاً من عقدة الاستكبار الذاتي الذي يختزن العظمة المعقدة والمنتفخة بمشاعر القوّة الطاغية التي لا تحمل مضموناً فكرياً إنسانياً ،ولا تتحرك في امتداد الرسالة ،بل تحمل القهر والتعسف والإذلال للآخرين .
{وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُون} في ما أنعمنا به عليهما من القوّة المتمثلة بالرسالة المؤيّدة بالكرامة الإلهية في أجواء الإعجاز ،ومن الأسباب الواقعية التي انتهت بالوصول إلى النتائج الكبيرة في السيطرة على ساحة الصراع ،