التّفسير
النعم التي منّ بها الله على موسى وهارون:
الآيات المباركة هذه تشير إلى جوانب من النعم الإلهيّة التي أغدقها الله جلّ شأنه على موسى وأخيه هارون ،والبحث هنا ليتناغم ويتواءم مع البحوث السابقة بشأن نوح وإبراهيم في الآيات السابقة ،فمحتوى الآيات يشابه بعضه البعض ،ونفس الألفاظ تتكرّر في بعض الجوانب ،وذلك لتوجد نظاماً تربوياً منسجماً للمؤمنين .
مرّة أخرى استخدم في هذه الآيات أسلوب ( الإجمال والتفصيل ) الاُسلوب الذي استخدمه القرآن في نقل العديد من الحوادث .
الآية الأولى تشير إلى قوله تعالى: ( ولقد مننا على موسى وهارون ) .
«المنّة » في الأصل من «المنّ » ويعني الحجر الذي يستعمل للوزن ،ثمّ أطلق على النعم الكبيرة والثقيلة ،فلو كانت لها جنبة عملية وموضوعية فالمنّة جميلة ومحمودة ،ولو اقتصرت على اللفظ والكلام فهي سلبية ومذمومة ،والغالب إنّها تستعمل في المحاورات العرفية بالمعنى الثاني ،وهذا هو السبب في تداعي المفهوم السلبي من هذه الآيات الكريمة ،ولكن لابدّ من القول انّ هذه المفردة وردت في اللغة والآيات الكريمة بمعناها الواسع الذي يشمل المفهوم الأوّل منها .( أي منع النعم والمواهب الكبيرة ) .
وعلى كلّ حال فانّ الله سبحانه وتعالى أنعم على الأخوين موسى وهارون بنعمة عظيمة .
أمّا الآيات التي تلتها فتشرح سبعة من هذه النعم ،وكلّ واحدة منها أفضل من اُختها .