{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} فهل يمكن أن نجعل هؤلاء المؤمنين والمصلحين لأمور البلاد والعباد{كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ} الذين ينطلقون من قاعدة الكفر الذي يعمل لإفساد التصور في العقيدة ،والحركة في الحكم والمنهج ما يسيءُ إلى التوازن في سير الحياة ،فتفسد أوضاعها العامة والخاصة ؟!{أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ} الذين يلتزمون أوامر الله ونواهيه ويراقبونه في سرّهم وعلانيتهم{كَالْفُجَّارِ} الذين يرتكبون المعاصي بفجور ويبتعدون عن المعاني الإنسانية الروحية في علاقاتهم بالحياة وبالله وبالناس ؟!
وإذا كان الله لا يساوي بين هؤلاء وهؤلاء من موقع الحق الذي يفرض إيصال المحسن أو المسيء إلى حقه المتناسب مع سلوكه ،فلأن ضوابط القيم الإلهية الروحية هي الحاكمة على مسار سلوك الإنسان في علاقاته العامة وتعامله مع الصالحين والفاسدين ،والكافرين والمؤمنين ،والمتقين والفجّار ،فلا مجال للمساواة في النظرة الروحية بين هؤلاء وهؤلاء ...مع ملاحظة تأكيد المساواة في الحقوق والواجبات العامة ،فإن العدل الذي يفرض عدم المساواة في النظرة التقييمية ،هو الذي يفرض المساواة في حساب الثواب والعقاب .