{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مِوْتِهَا} بأن يبلغها الأجل الذي أجّله لها ،فإن التوفي يعني أخذ الشيء كاملاً أخذاً تامّاً ،وقيل إن المراد بالنفس الروح التي تنفصل عن البدن انفصالاً تاماً عند الموت ،فإن الله يتوفاها فيبلغها أجلها في داخل البدن فتبتعد عنه ليتحول إلى شيءٍ جامدٍ لا حركة فيه ولا حياة ...وربما كان المراد بالنفس الذات الكاملة التي يتوفَّاها الله ،فينتهي بها إلى الوقت الذي وقّته لها في حركة الحياة عندما يحين موعد الموت ،فينتهي بذلك التزاوج بين الروح والبدن في هذا الموعد .
{وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} فيتوفاها ،بنحو مؤقّتٍ في حالة النوم ،فتتجمد الحياة بطريقةٍ يفقد معها الإنسان الشعور مع بقاء التنفس ،وبهذا يكون النوم حالة وفاةٍ كما هو الموت كذلك ،{فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} فينقلها من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة ،{وَيُرْسِلُ الأخرى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} لتأخذ بقيّة دورها في الحياة إلى أن يحين موعدها الأخير في هذه الحياة الدنيا ،{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} يرصدون سنَّة الله في الكون والإنسان فيتأملون فيها ليصلوا إلى النتائج الفكرية التي تصلهم بالحق في العقيدة بالله ،وتوحي لهم بأن الله وحده هو الذي يملك أمر الإنسان ،بما فيه حياته وموته .