{إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ} الذين يحتاجون إلى وحي الله ليهتدوا به في تنظيم أمورهم ،ورعاية أوضاعهم ،لئلا يختلفوا في ذلك يميناً وشمالاً تبعاً لاختلاف أهوائهم ومصالحهم الخاصة ،حيث ينفذ الباطل إلى تفكيرهم وتشيع الفوضى والفساد في حياتهم ،فكان لا بدَّ لهم من قاعدةٍ ينطلقون منها ويقفون عليها{بِالْحَق} الذي يضمن لهم التوازن في قضاياهم ،والسعادة في مصيرهم ،فيختارون طريقهم في هذا الاتجاه أو ذاك من موقع الوعي الذي يفتح عيونهم على جانب الحق المراد لهم أن يختاروه في مقابل الباطل المراد لهم أن يرفضوه ،لتبقى حرية الاختيار لهم في ما يصلح أمورهم أو يفسدها ،ليتحملوا مسؤولية ذلك كله عند الحساب بالنجاة أو الهلاك .
{فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ} لأنه سيبلغ بالسير في طريق الهدى إلى الغاية السعيدة في الدنيا والآخرة ،{وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} فلن يسيء إلا إلى نفسه عندما يورّطها في السير في خط الضلال الذي يؤدّي بها إلى الغاية الشقيّةِ في الدنيا والآخرة .{وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} فلا سلطة لك على عقولهم وقلوبهم ،لأنك لا تملك إلاَّ الكلمات التي تقرّبهم إلى الحق ،والأساليب التي تفتح عقولهم عليه ،ليفكروا بها ويتأملوا فيها ...وهذا هو كل شيءٍ في مسألة الدعوة في حركة الرسالة .