التّفسير
الله سبحانه يتوفى الأنفس:
بعد ذكر دلائل التوحيد ،و بيان مصير المشركين والموحدين ،تبيّن الآية الأُولىفي هذا البحثحقيقة مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر عليكم ،وإن كان رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) يصرّ عليكم في هذا المجال ،فإنّه لم يكن يبتغي جني الأرباح من وراء ذلك ،و إنّما كان يؤدي واجباً إلهياً ،( إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحقّ ){[3823]} .
وتضيف الآية ( فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنّما يضل عليها ) .
على أية حال ،فإنك لست مكلفاً بإدخال الحق إلى قلوبهم بالإجبار ،وإنّما عليك إبلاغهم وإنذارهم فقط ( وما أنت عليهم بوكيل ) .
هذه القاعدة بأنّ كلّ من اتبع طريق الحق عاد بالربح على نفسه ،ومن اتبع سبيل الضلال عاد بالخسارة على نفسه ،تكررت عدّة مرات في آيات القرآن الكريم ،كما أنّها تأكيد على حقيقة أنّ الله غير محتاج لإيمان عباده ولا يخاف من كفرهم ، وكذلك رسوله ،وإنّه لم يدع عباده إلى عبادته كي يجني من وراء ذلك الأرباح ،وإنّما ليجود على عباده .
قوله تعالى: ( وما أنت عليهم بوكيل )التي وردت فيها كلمة ( وكيل ) بمعنى الشخص المكلف بهداية الضالين وجعلهم يؤمنون باللهوردت عدّة مرات في آيات القرآن ،وبنفس التعبير أو ما يشابهه ،والغرض من تكرارها هو بيان أنّ الرّسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس مسؤولا عن إيمان الناس ،لأنّ أساس الإيمان لا يأتي عن طريق الإجبار ،وإنّه مكلّف بإبلاغ الأمر الإلهي إلى الناس من دون أن يظهر أدنى تقصير أو عجز ،فإمّا أن يستجيبوا لدعوته وإمّا أن يرفضوها .
/خ44