{قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} فهو يملك الأمر كله في الكون وفي الإنسان ،في الدنيا والآخرة ،{لَّهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} يتصرف بها كيف يشاء ،وذلك هو مظهر قدرته التي لا يدانيها أحد ،{ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وتقفون أمامه لتقدموا حساب أعمالكم إليه ،وتواجهوا مصيركم من خلال حكمه العادل ،ما يفرض عليكم أن تفكروا في مسألة الإيمان به ،والارتباط به في خط الطاعة بطريقةٍ أكثر جدّيّةً ،وأن تقبلوا عليه بعقولكم ومشاعركم من موقع المحبّة والإخلاص .
ولكن المشكلة عندهم هي أنهم في غفلةٍ عن الآخرة ،من خلال الأضاليل التي نفذت إلى عقولهم ،فأخلدوا إلى الأرض ،وارتبطوا بالمادّة ،واستغرقوا في الحسِّ ،فابتعدوابذلكعن التفكير بالله في نطاق التفكير بقضية المصير ،واندفعوا في حالةٍ من التخلف إلى آلهة الأرض ،وأصنام الكفر ،فآمنوا بها وأحبّوها ،والتزموا بها التزام الإيمان المنحرف ،والشعور المتخلّف{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ} لأنهم لم يألفوا العظمة التي يمثلها اسمه ،والرحمة التي تفيض من لطفه ،والتوحيد الذي يتمثل في وعي معنى ذاته .وهكذا كانت قلوبهم مشغولةً عنه بغيره ،حتى تحوّل ذلك إلى عقدةٍ متأصّلةٍ في شخصياتهم ،فأصبح ذكرهبوحدانيتهمثيراً للنفور والاشمئزاز وللمشاعر السلبيّة .