وهذه جولة قرآنية حول المنافقين ،تحاصرهم بالتهديد بالمصير الأسود الذي ينتظرهم عند الله وتبيّن ملامحهم الحقيقية في مواقفهم الذاتية في أنفسهم وفي الآخرين ،ليكتشفهم الناس على حقيقتهم ؛فلا يخفى عليهم شيء من أمرهم ،من خلال ما يتظاهرون به من خير وصلاح وإيمان ...وهذا ما بدأته الآية الأولى بالبشارة بالعذاب الأليم ؛{بَشِّرِ الْمُنَفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} وربما كان استخدام هذه الكلمة «البشارة » للإمعان بالسخرية بهم ،في ما كانوا يأملونه من نتائج ظواهر أعمالهم ،وما يواجههم من مصير يخالف ذلك كله .أما ملامحهم ،فقد يكون في مقدمتها موالاتهم وموادتهم القلبية والعملية للكافرين ،وابتعادهم عن المؤمنين ،في المشاعر والأفكار والمواقف ،فهم يألفون الكافرين ويرتاحون إليهم ويتعاونون معهم ،انطلاقاً من وحدة الموقف ،