/ت51
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً} فما قيمة أن يلتفّ الناس من حوله ،أو يهتفون باسمه ،أو يتجمعون لنصرته ؟ما قيمة ذلك كله إذا كان الله يريد أن يخذله ؟إنه سوف يحسّ بالوحشة تفترس أمنه الداخلي ،عندما يخلد إلى نفسه فيشعر بالوحدة ،لأن الله هو المهيمن والمسيطر على الناس والأشياء ،بيده كل شيء ،أما الناس فإنهم لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم ضراً ولا نفعاً إلا بالله ،ولا تنطلق علاقاتهم إلا من خلال الضعف الإنساني المتحرك في نطاق الطمع والرغبة والخوف ،وما إلى ذلك من نقاط الضعف الصغيرة والكبيرة ،فلا تمتلىء نفس الإنسان الذي يحترم نفسه إلا من خلال قوة الله التي تفيض على حياته بالقوة النابضة بالحياة ،فإن الإنسان الذي يشعر أنه مع الله ،أو أنه قريب إليه ،يشعر بأنه قويّ كبير بالله ،حتى لو لم يكن هناك من أحدٍ حوله ،أو كان الناس كلهم ضدّه .وهذا ما عبّر عنه الإمام علي( ع ) ،الذي كان يعيش الوحدة في طريق الحق وهو يسير فيه بمفرده: «لا يزيدُني كثرةُ النَّاس حولي عزةً ،ولا تفرُّقُهُم عنِّي وحشةً ...» ،وكان يقول لولده في وصيته له: «لا يُؤنسنَّك إلا الحقُّ ،ولا يوحشنَّك إلا الباطلُ » ويقول للناس: «أيها النَّاسُ لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهلِهِ فإنَّ النَّاس قد اجتمعوا على مائدةٍ شبعُها قصيرٌ ،وجوعُها طويلٌ »