{ أولئك الذين لعنهم الله} أي أولئك الذين بينا سوء حالهم وهم الذين لعنهم الله أي اقتضت سنته في خلقه أن يكونوا بعداء عن موجبات رحمته وعنايته من الإيمان بالله وحده والكفر بالجبت والطاغوت{ ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا} أي ومن يلعنه اللهبالمعنى الذي ذكرناه آنفافلن ينصره أحد من دونه إذ لا سبيل لأحد إلى تغيير سنته تعالى في خلقه ، ومنها أن لا يكون الخذلان والانكسار نصيب المؤمنين بالجبت والطاغوت أي بمثار الدجل والخرافات والطغيان أي مجاوزة سنن الفطرة وحدود الشريعة ، ولا سيما إذا أراد هؤلاء مقاومة أهل التوحيد والحق والاعتدال في سياستهم وأعمالهم بسيرهم على سنن الاجتماع فيها .وهذه الآية تدل على أن سبب لعن الله للأمم هو إيمانها بالخرافات والأباطيل والطغيان ، وأنه تعالى إنما ينصر المؤمنين باجتنابهم ذلك ، وتدل بطريق اللزوم على أن الأمم المغلوبة تكون أقرب إلى الجبت والطاغوت من الأمم الغالبة المنصورة فليحاسب المسلمون أنفسهم بها وبما في معناها من الآيات كقوله تعالى:{ وكان حقا علينا نصر المؤمنين} [ الروم:47] ليتبين لهم من كتاب ربهم صدقهم في دعوى الإيمان من عدمه ولعلهم يرجعون إليه ويعولون في أمر دينهم ودنياهم عليه .