{ أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا}
/م49
أولئك الذين غلب عليهم الهوى ، ودفعهم تعصبهم الأعمى إلى أن يحالفوا أولياء الشيطان على أولياء الرحمن ويمالئونهم في القول والعمل ، فيسجدوا لأصنامهم ، ويزكوا أفعالهم ، ويقولوا إن طريقهم هو طريق الهداية ، وطريق أهل التوحيد لا هداية فيه ! بسبب هذا لعنهم الله تعالى بأن طردهم من رحمته ، فكتب عليهم بغض الناس في الدنيا ، والذل والمقت فيها ، وعذاب الله تعالى في الآخرة . والإشارة في قوله تعالى"أولئك"إشارة إليهم موصوفين بالصفات التي وصفهم الله بها من نفاق وخداع ، وكذب وتعصب وسيطرة الهوى على نفوسهم ، وضياع الحقوق بينهم ، وهذه الصفات هي سبب الطرد من رحمة الله تعالى . وإذا كانوا مطرودين من رحمة الله قد كتب الله تعالى غضبه عليهم ، فلن ينصرهم أحد من أهل الأرض{ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز( 21 )}( المجادلة ) فإذا كانوا قد ذهبوا إلى أهل مكة يستنصرون بهم فلن ينصروهم ، ولن يثقوا بهم ، ولذلك قال تعالى:{ فلن تجد له نصيرا}أي فلن تجد للملعون الذي طرده الله تعالى من رحمته نصيرا ينصره من الناس ، و"لن"هنا لتأكيد النفي ، ويقول الزمخشري( إن لن تفيد تأكيد النفي أبدا ) ، أي أنهم لم ينصرهم الله ولن يجدوا أبدا نصيرا من الناس تستمر نصرته ، وإذا استطاعوا أن يستنصروا بأمثالهم في هذه الأيام ، فإن الخذلان وراءهم إن شاء الله تعالى ، وهم أشد مقتا عند الله وعند الناس في هذه الأيام كما كانوا في كل ماضيهم ، والله المنتقم الجبار . وقد أخبر الله تعالى نبيه بأنهم إذا كان لهم أحيانا نصيب من الملك غير مستقر ولا دائم ، فسيكون ظلما كبيرا ولا يرضى الله لعباده أن يستمر فيهم ظلم .