{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّواْ الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} فعاشوا في أعماق الظلمة الروحية التي أغلقت نوافذ عقولهم عن النور المنطلق من وحي الرسالة ومن نداء الرسول ،فلم يستجيبوا لنداء التغيير الفكري الذي يجدّد حياتهم التي اعتادوها في أوضاعهم وعلاقاتهم ..وهكذا أرادوا البقاء على عمى الشرك الذي يتخبطون في أوحاله ،في ما ارتاحوا إليه من طقوس العبادة ،وشؤون الحياة ،وطبيعة العلاقات ،وتركوا لأجله الهدى الذي يدلهم على الله ويعرّفهم حقيقة توحيده ،وروحية عبادته ،وتمردوا على الرسالة وسخِروا من الرسول ،وهددوه وتوعدوه .
{فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ} فأنزل الله عليهم العذاب وأخذهم بالصيحة التي هزّت وجودهم فأحرقته ،أو بما يماثل ذلك من ألوان العذاب ،فأصبحوا كأعجاز نخلٍ خاويةٍ ،لا يُسمع لهم صوت ،ولا تُحسّ لهم حركة ،{بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الكفر والشرك والفسوق ..لأن النتائج لا بد أن تكون بحجم المقدِّمات في الثواب والعقاب .