{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} فهؤلاء هم الذين يؤاخذهم الله بأفعالهم وأقوالهم الظالمة في ما يتصل بإفساد حياة الناس ،وبما يحركونه فيها من قوانين الطغيان ووسائله وأوضاعه ..وبما يثيرونه في وجدان الناس من تهاويل الخوف والقلق ،وبما يجترحونه بحقّ الناس من قتل وجرح وتدمير{أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} جزاءً بما كانوا يفعلون ،وإذا كان الله قد فرض عليهم العذاب في الآخرة فقد أراد من عباده المؤمنين أن يواجهوهم بكل وسائل الرفض والقهر والإِذلال ،أو يحاصروهم بكل أدوات الحصار ،وأن يبتعدوا عنهم ،ولا يركنوا إلى كل مشاريعهم وأوضاعهم وتوجيهاتهم ،والعمل على إزالة الظلم من الوجود ،وتدمير البغي في حياة الناس ،بتدمير الظالمين في مواقع قوتهم ،بكل ما يملك المؤمنون من قوّة .وإذا كان الله قد أعطى الأجر من عنده للصابرين الغافرين لمن أساء إليهم في مواضع العفو التي يرضاها الله ،مما لا يسيء إلى الرسالة والحياة ،فإنه قد أكد من خلال ذلك القيمة الروحية التي تمثل عنصر قوةٍ في الإنسان ،لا عنصر ضعف ،كما قد يتصوره البعض من دلالات القوّة ،في ممارسة رد الفعل ،ودلالات الضعف في الامتناع عنه ..وهذا هو قول الله تعالى:{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}