وهذا موقفٌ حاسمٌ اتخذه إبراهيم( ع ) ضدّ عبادة قومه للأصنام ،وفي مقدمتهم أبوه ،فقد رفض تقليدهم في عبادتهم تلك ،وأعلن رفضه ذاك بكل قوّةٍ ،ليفتح مجال الرفض المتحدي للوثنية الفكرية والعبادية في المستقبل ،من أجل أن يركز قواعده على أساس خط الإيمان .
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ} من هذه الأصنام التي لا تملك أيّ سرٍّ من أسرار الألوهية ،في ما تحاولون أن تتخيلوه لها من ذلك ،لتقنعوا أنفسكم بذلك ،أو لتقنعوا غيركم به ،فقد صنعتموها بأيديكم ،أو صنعها آباؤكم من قبلكم ،فكيف جاءتها هذه الأسرار ؟وكيف حصلت على هذا الموقع المميز في العبادة ؟
وهكذا أعلن إبراهيم أنهبكل فكره وروحهيجسد البراءة من الأصنام بكل معانيها وأبعادها ،فلم يعد موقفه من الأصنام موقفاً للذات ،بل هي الذات كلها في الفكر والحركة والشعور ،في ما يوحي به الإخبار عن الذات بالمصدر الذي يتضمن المبدأ كله ،