{إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي} وأوجدني بعد أن كنت عدماً ،كما فطر الآخرين ،وأنتم منهم ،لأنني لست بدعاً من الناس في ذلك ،ما جعل ارتباط الناس به ارتباط المخلوق بالخالق ،لحاجته في كل حركة وجوده وامتداده إليه ،تماماً كما كان محتاجاً إليه في أصل الوجود ،الأمر الذي يجعل التوحيد في عبادته أمراً طبيعياً منسجماً مع حقيقة الوجود الإنساني ..وتلك هي الحجة على موقفه ،فإن الخالق هو الذي ينبغي للمخلوقين أن يعبدوه .
{فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} ويوجهني إلى الحق في العقيدة والعبادة والسلوك ،لأن الخلق ليس حالةً مجرّدة ،تنتهي بها علاقة الخالق بالمخلوق ،بل هي حقيقةٌ وجوديةٌ تبدع الإنسان في وجوده ،وتدبره في كل امتداداته ،لأن رحمة الله هي سرّ الخلق والهداية والامتداد في انفتاح الفكر ،وفي حركة الحياة ،فهو الذي ألهم كل شيء هُداه ،في بنية وجوده ،وألهم الإنسان بالإضافة إلى ذلك ،سرّ الهداية في حرية الإرادة في تحريك الفكر والعمل للوصول إلى مواقع الحقيقة في العقيدة والحياة ..