{إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} بالرسالة ،وبما آتيناه من قدرة إعجازية متحركة في شخصيته بإذن الله ..وبما فتحنا له من الافاق الروحية التي يتحرك فيها في ساحة رسالته من خلال تأييده بروح القدس{وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائيل} بما يجسّده من النموذج الأمثل الذي يبعث فيهم الثقة بالرسالة ،في مضمونها الروحي ،وفي قيمها الإنسانية وفي بُعدها الأخلاقي ،وفي شريعتها المتوازنة ،لأنه يجسّد ذلك كله في حركته في ذاته كإنسانٍ رسولٍ ،وفي حركته في رسالته كإنسانٍ ملتزم بالرسالة في حياته ..
..وهكذا رأينا القرآن لا يتناول المسألة في دائرة العقدة الذاتية من منطقهم ،بل يعمل على مواجهة الضجيج بالكلمة الهادئة المعبّرة عن شخصية السيد المسيح( ع ) بعيداً عن كل المعاني التي أرادوا إثارتها من الألوهية والمقارنة بينه وبين أصنامهم ،ليعيد عليهم الفكرة القرآنية التي تلخّص قصة شخصية عيسى( ع ) في أنه عبد الله الذي كان موضعاً من مواضع نعمته ،ومثلاً حيّاً للرسالة في قومه ،لينطلقمن خلالهمإلى الناس كافة .
وهذا هو الأسلوب القرآني الحكيم الذي لا يسمح للآخرين أن يبعدوه عن الخط المنهجي الذي أراد أن يؤكده في قضية المعرفة ،وفي انفتاح الرسالة على الحق ،فيواجه الضجيج الجدليّ بالعقل الهادىء ،والروح المنفتحة ،ثم يبدأ الحديث عن الفكرةبعد هدوء الجوليستمع إليها الآخرون بكل حكمةٍ واتّزانٍ ..