{مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ} قيل: إن كلمة وراء تطلق على القدّام وعلى الخلفكما ورد في مجمع البيان«فما توارى عنك فهو وراؤك ،خلفك كان أو أمامك »[ 1] ،وقيل إن التعبير بذلك ،مع أن جهنم أمامهم في ما يستقبلونه من مصيرهم في الآخرة ،لأنهم لما كانوا مستغرقين في شهوات الدنيا ولذائذها ،معرضين عن الحق ،غافلين عن النتائج السلبية المترتبة على موقفهم السلبي من الرسالة ،فكأنهم جعلوا جهنم وراءهم من موقع الإِعراض عن التفكير في تبعات عملهم .{وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً} فلا قيمة للمال الذي جمعوه ،ولا للجاه الذي حصلوا عليه ،ولا للقوّة المادية التي تحيط بهم ،لأن ذلك لا يعطي أية قيمةٍ روحية تقرّب الإنسان إلى الله ،ولا يمنح أصحابه أيّ امتيازٍ ذاتيٍّ{وَلاَ مَا اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَآءَ} فلا موقع لهؤلاء في ساحة الآخرة ،لأنهم مخلوقون لله ،مربوبون له ،خاضعون في ذواتهم لكل نقاط الضعف البشري وللإمكانات المحدودة التي يملكونها من الله ،فلا يغنون عن أنفسهم شيئاً في ما كانوا يريدونه من الناس من عبادتهم لهم ،أو في ما قاموا به من سيّئاتٍ في موقفهم من الله ،ولا يغنون عن غيرهم ممن كانوا يعبدونهم شيئاً ،لأن الله هو الذي يريد أن يعذبهم فكيف ينصرونهم من الله ،{وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يتناسب مع جريمة الكفر والشرك التي لا يغفرها الله للسائرين فيها .