{لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقّ} فلم يُره في منامه إلا الصدق الذي يتضمن الوحي في داخله ،{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ} في ما يعلمه من الأسباب والحوادث والظروف التي تلتقي فيها مشيئته{آمِنِينَ} لا يعرض لكم أحد بسوء ،{مُحَلّقِينَ رُؤوسَكُمْ وَمُقَصّرِينَ لاَ تَخَافُونَ} .
وهكذا دخل المسلمون مكة في العام القادم معتمرين ،وطافوا بالبيت كما يشاءون ،وحلق من حلق ،وقصّر من قصّر ،وذلك في ما سُمّي ب «عمرة القضاء » ،{فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} فالله يعلم أن مصلحة الإسلام تكمن في الابتعاد عن القتال ،وإيجاد هدنةٍ يراجع فيها الناس أفكارهم عن الإسلام والشرك ،بعيداً عن الضغوط القاسية التي تثيرها ساحة الصراع الحادّ ،وهو أمر أتاح للعديد من المشركين دخول الإسلام ،{فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً} وهو صلح الحديبية الذي عُبّر عنه بالفتح ،أو هو فتح خيبر ،الذي كان يمثل حركة القوة الإسلامية التي خلقت توازناً جديداً في مواقع القوّة في المنطقة ،وخلقت جوّاً نفسيّاً إيجابياً لمصلحة الإسلام .