{كَذلِكَ} أي هذا الأسلوب الذي مارسه المشركون من قريش ومن غيرها في اتهام الرسول بالسحر أو الجنون ،لم يكن أسلوباً جديداً ،بل هو استمرارٌ للأساليب السابقة التي استعملت في مواجهة الأنبياء من قبله ،فليست هناك خصوصيةٌ لهؤلاء ،بل المسألة مسألة الكفر الذي يفقد الحجة على مضمونه الفكري ،كما يفقد الرّد على مضمون الرسالة ،وموقف الحق في شخصية الرسول ،فيعمد أهله إلى توزيع الاتهامات بطريقةٍ غير مسؤولة .
وهكذا تمتدّ رحلة الكفر التاريخي في مواجهة الإيمان تاريخياً في رسالات الله{مَآ أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ مّن رَّسُولٍ إِلاَّ قَالُواْ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} ليبطلوا تأثيره في النفوس ،معتمدين في ذلك على تفكير الجماهير السطحي الذي يجعل قناعاتهم محكومة للشائعات دون تعمق في مناقشة الأمور ودراسة نقاط ضعفها وقوّتها ،ما يسهل على الفئات المضادة الوصول إلى ما تريد دون أن تهتم بواقعية التهمة ومدى انسجامها مع حقيقة الشخص الذي توجّه إليه ،لأن المهم لديها هو إشغال الناس بأيّة وسيلة عن التفكير بالرسالة والرسول ،لإثارة الضوضاء التي تسلب الفكر الصفاء الذي يُطل به على الحقيقة المشرقة .