{يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} أي من هذين البحرين المختلفين في العذوبة والملوحة ،وقد تحفَّظ البعض على وجود اللؤلؤ والمرجان في البحر العذب ،وأجاب البعض بأن هناك دلائل على وجودهما فيه ،وقد تقدم الكلام حول هذا الموضوع في تفسير الآية الثانية عشرة من سورة فاطر ،وقد ذكر في طبيعة اللؤلؤ والمرجان بعض الخصائص التي قد نحتاج إلى معرفتها كدليل على عظمة خلق الله: «لعل اللؤلؤ أعجب ما في البحار ،فهو يهبط إلى الأعماق ،وهو داخل صدفةٍ من المواد الجيرية لتقيه من الأخطار ،ويختلف هذا الحيوان عن الكائنات الحية في تركيبه وطريقة معيشته ،فله شبكة دقيقة كشبكة الصياد ،عجيبة النسج ،تكون كمصفاةٍ تسمح بدخول الماء والهواء والغذاء إلى جوفه ،وتحول بين الرمال والحصى وغيرها .وتحت الشبكة أفواه الحيوان ،ولكل فمٍ أربع شفاه ،فإذا دخلت ذرة رمل ،أو قطعة حصى أو حيوان ضار عنوةً إلى الصدفة ،سارع الحيوان إلى إفراز مادةٍ لزجةٍ يغطيها بها ،ثم تتجمد مكوّنةً لؤلؤةً ،وعلى حسب حجم الذرة التي وصلت يختلف حجم اللؤلؤة… والمرجان من عجائب مخلوقات الله ،يعيش في أبحار على أعماق تتراوح بين خمسة أمتار وثلاث مائة متر ،ويثبت نفسه بطرفه الأسفل بصخر أو عشب .وفتحة فمه التي في أعلى جسمه محاطةٌ بعدد من الزوائد يستعملها في غذائه ..فإذا لمست فريسة هذه الزوائدوكثيراً ما تكون من الأحياء الدقيقة كبراغيث الماءأصيبت بالشلل في الحال ،والتصقت بها ،فتنكمش الزوائد وتنحني نحو الفم ،حيث تدخل الفريسة إلى الداخل بقناةٍ ضيّقة تشبه مريء الإنسان .
ويتكاثر هذا الحيوان بخروج خلايا تناسلية منه ،يتم بها إخصاب البويضات ،حيث يتكوّن الجنين الذي يلجأ إلى صخرةٍ أو عشبٍ يلتصق به ،ويكوّن حياةً منفردةً ،شأنه في ذلك شأن الحيوان الأصلي .ومن دلائل قدرة الخالق ،أن حيوان المرجان يتكاثر بطريقة أخرى هي التزرّر .وتبقى الأزرار الناتجة متّحدةً مع الأفراد التي تزرّرت منها ،وهكذا تتكون شجرة المرجان التي تكون ذات ساقٍ سميكةٍ ،تأخذ في الدقة نحو الفروع التي تبلغ غاية الدقة في نهايتها .ويبلغ طول الشجرة المرجانية ثلاثين سنتيمتراً .والجزر المرجانية الحيّة ذات ألوان مختلفةٍ ،نراها في البحار صفراء برتقالية ،أو حمراء قرنفليّة ،أو زرقاء زمردية ،أو غبراء باهتة ،والمرجان الأحمر هو المحور الصلب المتبقي بعد فناء الأجزاء الحية من الحيوان وتكون الهياكل الحجرية مستعمرات هائلة .
ومن هذه المستعمرات سلسلة الصخور المرجانية المعروفة باسم الحاجز المرجاني الكبير الموجود بالشمال الشرقي لأستراليا .ويبلغ طول السلسلة ألفاً و35 ميلاً وعرضها 50 ميلاً .وهي مكوّنة من هذه الكائنات الحية الدقيقة الحجم