حال ثالثة .ثم إن كان المراد بالبحرين: بحرين معروفين من البحار الملحة تكون ( من ) في قوله:{ منهما} ابتدائية لأن اللؤلؤ والمرجان يكونان في البحر الملح .
وإن كان المراد بالبحرين: البحر الملح ،والبحر العذب كانت ( من ) في قوله:{ منهما} للسببية كما في قوله تعالى:{ فمن نفسك} في سورة النساء ( 79 ) ،أي يخرج اللؤلؤ والمرجان بسببهما ،أي بسبب مجموعهما .أما اللؤلؤ فأجْودُهُ ما كان في مصبّ الفرات على خليج فارس ،قال الرماني: لما كان الماء العذب كاللقاح للماء الملح في إخراج اللؤلؤ ،قيل: يخرج منهما كما يقال: يتخلق الولد من الذكر والأنثى ،وقد تقدم بيان تَكون اللؤلؤ في البحار في سورة الحج .
وقال الزجّاج: قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما وهو كقوله تعالى:{ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً}[ نوح: 15 ،16] ،والقمر في السماء الدنيا .وقال أبو علي الفارسي: هو من باب حذف المضاف ،أي من أحدهما كقوله تعالى:{ على رجل من القريتين عظيم}[ الزخرف: 31] أي من إحداهما .
و{ المرجان}: حيوان بحري ذو أصابع دقيقة ينشأ ليّناً ثُمَّ يتحجّر ويتلوّن بلون الحمرة ويتصلب كلما طال مكثه في البحر فيستخرج منه كالعروق تتخذ منه حلية ويسمى بالفارسية ( بسَذ ) .وقد تتفاوت البحار في الجيّد من مرجانها .ويوجد ببحر طَبرقَة على البحر المتوسط في شمال البلاد التونسية .
و{ المرجان}: لا يخرج من ملتقى البحرين الملح والعذب بل من البحر الملح .
وقيل: المرجان اسم لصغار الدرّ ،واللؤلؤ كباره فلا إشكال في قوله منهما .
وقرأ نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب{ يخرج} بضم الياء وفتح الراء على البناء للمجهول .وقرأ الباقون{ يخرج بفتح الياء وضم الراء لأنهما إذا أخرجهما الغوّاصون فقد خرجا .
وبين قوله:{ مرج}[ الرحمن: 19] وقوله:{ والمرجان} الجناس المذيّل .