وتستمر الآيات في تصوير موقف اليهود المنخدع بكلام المنافقين ،الذين وعدوهم بالنصرة والتأييد ،ولم يلبثوا أن خذلوهم ،مقدِّماً بذلك المثل الحي في مواقع أخرى ،لتتسع الفكرة الواعية التي ترصد الواقع في أكثر من صورة ،الأمر الذي يوسع أفق الإنسان المؤمن في نظرته إلى الحياة بمنطق الوعي ،لا بمنطق السذاجة الفكرية .
{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً} أي مثلهم في اغترارهم بعددهم وبقولهم وبقول المنافقين ،كمثل الذين من قبلهم من المشركين ،الذين جاؤوا إلى بدر لمقاتلة المسلمين .
{ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ} فكانت الغلبة عليهم من المسلمين ،وقيل إن المراد بهم بنو قينقاعٍ ،في ما رواه ابن عباس ،من أنهم نقضوا العهد بعد رجوع رسول الله( ص ) من بدر ،فأمرهم رسول الله( ص ) أن يخرجوا ،وقال عبد الله بن أبي: لا تخرجوا فإني آتي النبي( ص ) فأكلمه فيكم أو أدخل معكم الحصن ،فكان هؤلاء في إرسال عبد الله بن أبي إليهم ثم ترك نصرتهم ،كأولئك[ 1] .{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} في الآخرة .