التّفسير:
حيل الشيطان والمهالك:
يستمرّ البحث في هذه الآيات حول قصّة بني النضير والمنافقين ورسم خصوصية كلّ منهم في تشبيهين رائعين:
يقول سبحانه في البداية:{كمثل الذين من قبلهم قريباً ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم}{[5208]} .
تحدّثنا هذه الآية عن ضرورة الاعتبار بما جرى لبني النضير والقوم الذين كانوا من قبلهم وما جرى لهم ،خاصّة وأنّ الفترة الزمنية بين الحادثتين غير بعيدة .
ويعتقد البعض أنّ المقصود بقوله: ( الذين من قبلهم ) هم مشركو مكّة الذين ذاقوا مرارة الهزيمة بكلّ كبريائهم في غزوة «بدر » ،وأنهكتهم ضربات مقاتلي الإسلام ،لأنّ هذه الحادثة لم يمرّ عليها وقت طويل بالنسبة لحادثة بني النضير ،ذلك لأنّ حادثة بني النضيركما أشرنا سابقاًحدثت بعد غزوة «اُحد » ،وغزوة بدر قبل غزوة اُحد بسنة واحدة ،وبناءً على هذا فلم يمض وقت طويل بين الحادثتين .
في الوقت الذي يعتبرها كثير من المفسّرين إشارة إلى قصّة يهود «بني قينقاع » ،التي حدثت بعد غزوة بدر ،وانتهت بإخراجهم من المدينة .
وطبيعي أنّ هذا التّفسير مناسب أكثرحسب الظاهرباعتباره متلائماً أكثر مع يهود بني النضير ،لأنّ يهود بني قينقاع كيهود بني النضير كانوا ذوي ثراء ومغرورين بقدرتهم القتالية ،يهدّدون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين بقوّتهم وقدرتهم العسكريةكما سنذكر ذلك تفصيلا إن شاء اللهإلاّ أنّ العاقبة لم تكن غير حصاد التيه والتعاسة في الدنيا والعذاب في الآخرة .
«وبال » بمعنى ( عاقبة الشؤم والمرارة ) وهي في الأصل مأخوذة من ( وابل ) بمعنى المطر الغزير ،لأنّ المطر الغزير غالباً ما يكون مخيفاً ويقلق الإنسان من عاقبته المرتقبة ،كالسيول الخطرة والدمار وما إلى ذلك .
/خ20