{الإِصْبَاحِ}: والصبح واحد ،وهو مصدر أصبحنا صباحاً .وقد روي عن الحسن أنه قرأ فالق الأصباح بالفتح يريد صبح كل يوم ،وما قرأ به غيره .
{سَكَناً}: الذي يسكن إليه .
{حُسْبَاناً}: جمع حساب ،وهو استعمال العدد .
{فَالِقُ الإِصْبَاحِ} الذي أخرج النور من قلب الظلمة ،وحرَّك الحياة من خلال ذلك ،ليسعى فيه الإنسان إلى رزقه وتدبير أمره ،ليبلغ غايته في الحصول على مبتغاه في الدنيا والآخرة ،فكيف حدث ذلك ،ومن هو الذي أودع في نظام الكون سرّ الضياء ،وسرّ الحركة ؟
{وَجَعَلَ الليلَ سَكَناً} ليستريح فيه الإنسان من جهد النهار ،ويتخفّف من عناء الحركة ،فيسترخي استرخاء المتعب الذي يبحث عن راحة يجدِّد فيها طاقته ليوم عملٍ جديدٍ ،لتستمرّ الحياة في نظامها الطبيعيّ بين راحةٍ تتحرك نحو الجهد والتعب في النهار ،وبين تعبٍ يبحث في هدوء الليل عن الراحة ..وذلك هو الدليل على أن الكون يرتكز على سرّ النظام في القدرة الحكيمة المبدعة ،حيث يكتشف الإنسان فيه الله سبحانه وتعالى .
{وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً} أي: وجعل الشمس والقمر يجريان في أفلاكهما بحساب لا يتجاوزانه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما ،بحيث يكون للأرض حركتان: حركة تتم في أربع وعشرين ساعة ،وعليها مدار الأيام ،وحركة تتمّ في سنةٍ ،ومنها تتكوّن الفصول الأربعة وعليها مدار حساب السنة كما عند بعض المفسرين انطلاقاً من قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَآءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [ يونس5:] .
{ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} في ما أراده من تنظيم الحياة على قواعد ثابتة يُصلح به حياة الإنسان في نفسه ،وهو العزيز الذي إذا أراد شيئاً فلا يستطيع أحدٌ أن يعارض ما يريد ،وهو العليم الذي يعرف أسرار خلقه في كلّ مقدِّماتها ونتائجها وتفاصيلها ..