{فَمُسْتَقَرٌّ}: المستقر الوجود الفعلي الذي تحرك واستقر في الأرض المتمثل بالمخلوقات الإنسانية .
{وَمُسْتَوْدَعٌ}: الوجود الكامن في الأصلاب وفي الأرحام والذي يمثّل الوديعة التي تنتظر خروجها بتوفّر شروطها بإرادة الله ،فيكون معنى{فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} مستقرٌّ في الأرض ومستودع في الأصلاب .وقيل: مستقر في الأرض ومستودعٌ في القبور ،وقيل أيضاً: مستقرٌّ في الآخرة ومستودع في الدنيا
{وَهُوَ الَّذِى أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} وهذا الوجود الإنساني المتنوّع في أشكاله وألوانه وطباعه ولغاته ،كيف انطلق ؟ومن أين ؟ومن هو الذي أنشأه ؟إنه الله الذي أنشأه وأوجده من نفسٍ واحدةٍ ،وهو آدم ،الذي كان النفس الواحدة لبداية هذا الوجود المتكثر ،ومن هنا ،نعرف عظمة الإبداع في هذا التنوّع في الوحدة ،فقد اختلفت الخصائص ،وتنوعت مع وحدة النفس التي كانت أساس هذا الوجود كله ،وما تزال حركة الوجود سائرةً في الاتجاه الذي أراده الله له ،فهناك الوجود الذي تحرك واستقرّ في الأرض ،في ما تمثله هذه المخلوقات الإنسانيّة التي تتحرك في الحياة ،وهناك الوجود الذي لا يزال كامناً في الأصلاب أو في الأرحام ،في انتظار توفّر الشروط الضروريّة لفعليّته وانطلاقه في حركة الحياة ،وهو الوجود المستودع الذي يمثل الوديعة التي تنتظر خروجها بإرادة الله .
{قَدْ فَصَّلْنَا الاَْيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} وتلك هي من آيات الله التي فصّلها للقوم الذين يتدبرون ويفكرون من أجل الوصول إلى الفهم الواعي للأشياء ،والفقه المنفتح للحياة ،ليعرفوا بذلك عظمة الخالق العظيم .