{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} وهذا هو التشريع المتعلق بالمطلقة من حيث سكناها في مدة العدة .فلا بد للمطلق من أن يسكنها في حدود إمكاناته المادية ،في نوعية المسكن ،على الموسر قدره ،وعلى المعسر قدره .{وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عليْهِنَّ} كما يفعل بعض الأزواج الذين يقصدون الإضرار بالمطلقة من خلال العقدة النفسية المستحكمة ضدها ،فيوجهون إليها الضرر الذي يشق تحمله في النفقة والسكنى ،بحيث تقع في الضيق والحرج الشديد .
{وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} مهما طالت مدة الحمل ،فإن الإنفاق عليهن ينطلق من موقع خصوصية العدة في طبيعتها وخصوصية الحمل الذي يكون الإنفاق عليها من شؤون الإنفاق عليه .
{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} بعد وضع الحمل ،{فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} لأن مسؤوليته على الأب لا على الأم ،باعتبار أن ذلك من مفردات الإنفاق .فللأم أن تأخذ الأجر على الإرضاع ،حتى لو كان الرضيع ولدها ،كأية امرأةٍ عاملةٍ تستحق أجراً على عملها .
{وَائتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ} أي تشاوروا في مسألة تحديد أجر الرضاعة بحيث يأمر بعضكم فيه بعضاً ،فلا يتضرر الرجل بزيادة الأجر الذي يدفعه ،ولا المرأة بنقصانه عن القيمة الواقعية ،ولا الولد بنقصان مدة الرضاع أو كميته{وَإِن تَعَاسَرْتُمْ} بحيث فرض كل فريقٍ على الآخر قيمةً مرتفعةً فلم يصل الأمر إلى توافقٍ بينكم ،أو أصرّت المرأة الأم على أجرٍ مرتفع لا يقبل به الأب لزيادته عن الحد الطبيعي ،{فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} أجنبية غير والدته ،إذا رضيت بأجر معقول .