{وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِى أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} في تعبيرٍ كنائيٍّ عن طهارتها وعفتها التي استطاعت أن تحافظ عليها من خلال قوَّتها الروحية الإيمانية ،وأن تواجه قومها الذين أرادوا أن يتهموها في أخلاقها ،بكل قوّةٍ وصلابةٍ وشموخٍ فلم تضعف أمامهم ،فاستمدت القوّة من الله{فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا} فجعلناها وابنها آية للعالمين{وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبَّهَا وَكُتُبِهِ} التي أوحى بها إلى رسله كالتوراة والإنجيل ،{وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} الذين خضعوا لله وأخلصوا له العمل ،واستمروا عليه في الخط المستقيم .
وهكذا بقيت هذه الإنسانة الطاهرة مثلاً لكل الناس في الطهر والإيمان والتصديق برسالات الله ،والسير على خط طاعته ،لتكون النموذج الأمثل الذي يعبر عن قدرة المرأة التي تعيش القرب من الله ،أن تنتصر على كل نوازع الضعف التي توحي لها بالانحراف ،فتتمرد عليها بالإيمان الخالص والإرادة القويّة ،ليقتدي بها الرجال والنساء ،من المؤمنين والمؤمنات في كل زمان ومكان .