{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} في ما جعله لكم من أسباب التحليل العامة والخاصة ،فجعل لكم أن تتحللوا منها لتأخذوا حريتكم في ترك ما التزمتم فعله ،أو في فعل ما التزمتم تركه ،بالوسائل التي جعلها في متناول أيديكم .{وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ} الذي يتولى أموركم ،ويسير بكم إلى مواقع النجاح من خلال التشريع الحكيم والهداية القويمة .{وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} الذي يعرف كل ظروفكم وأسراركم ومواضع صلاحكم وفسادكم ،ويتصرف في أموركم بحكمته ،في ما يريد لكم أن تفعلوه ،وفي ما يفرض عليكم أن تتركوه .
وقد أفاض الرواة المفسرون في طبيعة العمل الذي حرمه النبي( ص ) على نفسه بيمينه ،فبين قائل إنه حرم عليه فتاته مارية التي كانت سرية له إرضاءً لبعض أزواجه ،فحلف أن لا يقاربها بعد ذلك ،وبين قائل إنه شرب من زوجته سودة عسلاً ،فحلف أن لا يشرب منها شيئاً بعد ذلك لأن عائشة وحفصة وجدا فيه ريحاً كريهةً من خلاله .
ونحن لا نريد الإفاضة في ذلك ،لأن القضية عندنا تتصل بالمبدأ الذي نريد أن نستوحي منه سموّ خلق النبي محمد( ص ) في الرفق بمن حوله ،ورعاية الله له في حلّ يمينه إرفاقاً به ،لئلا تثقله التزاماته الشخصية في داخل البيت الزوجي عن القيام بمسؤولياته في الدعوة والجهاد ورعاية الشؤون العامة للمسلمين .