{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} في رحابة صدرك ،ورأفة قلبك ،ورحمة إحساسك ،ولين كلامك ،ورقة شعورك ،وحرصك على من حولك ،وحزنك عل كل الآلام التي تعرض لهم ،وانفتاحك على كل الناس ،من أصدقاء وأعداء ،بالكلمة التي هي أحسن ،والأسلوب الذي هو أفضل ،والنصيحة التي هي أقوم ،والبسمة التي هي أحلى ،والعطيّة التي هي أغلى ،والروح التي هي أصفى ،والقلب الذي هو أنقى ،والقوّة في غير قسوة ،والرفق في غير ضعف ،والصبر في غير خوف ،والتواضع في غير ذل ،والعزة في غير كبر ..وهكذا كان الرسولَ الذي تتحرك أخلاقه في عمق رسالته ،وتنطلق إنسانيته في ساحة مسؤوليته ،وتلتقي شخصيته بكل الآفاق الرحبة في أبعاد حركته .
وبهذا كان التجسيد الحي لكل أخلاقية الرسالة ،حتى تحول إلى قرآنٍ يتحرك بين الناس ،ليقدم الفكرة بالكلمة ،ويعمق الكلمة بالقدوة ،فكانت كلماته رسالةً ،وكانت أفعاله شريعة ،وكان سكوته عما يراه ويسمعه وتقريره له ديناً يدان به ،وكانت عظمته في خُلُقه المنفتح على الناس هي نفسها عظمته في نفسه وفي خلقه الرساليِّ الروحيّ في خشوعه لربّه ،في كلّ نبضةٍ من نبضات قلبه ،وكلّ همسةٍ من همسات روحه ،وكل دمعةٍ من دموع عينيه ،وكل ابتهالٍ في سبحات الصلاة والدعاء من ابتهالات وجدانه .