وقوله:( وإنك لعلى خلق عظيم ) قال العوفي ، عن ابن عباس:أي:وإنك لعلى دين عظيم ، وهو الإسلام . وكذلك قال مجاهد ، وأبو مالك ، والسدي ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وابن زيد .
وقال عطية:لعلى أدب عظيم . وقال معمر ، عن قتادة:سئلت عائشة عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت:كان خلقه القرآن ، تقول كما هو في القرآن .
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة قوله:( وإنك لعلى خلق عظيم ) ذكر لنا أن سعد بن هشام سأل عائشة عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالت:ألست تقرأ القرآن ؟ قال:بلى . قالت:فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام قال:سألت عائشة فقلت:أخبريني يا أم المؤمنين - عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالت:أتقرأ القرآن ؟ فقلت:نعم . فقالت:كان خلقه القرآن .
هذا حديث طويل . وقد رواه الإمام مسلم في صحيحه ، من حديث قتادة بطوله ، وسيأتي في سورة "المزمل "إن شاء الله تعالى .
وقال الإمام أحمد:حدثنا إسماعيل ، حدثنا يونس ، عن الحسن ، قال:سألت عائشة عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت:كان خلقه القرآن .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أسود ، حدثنا شريك ، عن قيس بن وهب ، عن رجل من بني سواد قال:سألت عائشة عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالت:أما تقرأ القرآن:( وإنك لعلى خلق عظيم ) ؟ قال:قلت:حدثيني عن ذاك . قالت:صنعت له طعاما ، وصنعت له حفصة طعاما ، فقلت لجاريتي:اذهبي فإن جاءت هي بالطعام فوضعته قبل فاطرحي الطعام ! قالت:فجاءت بالطعام . قالت:فألقت الجارية ، فوقعت القصعة فانكسرت - وكان نطعا - قالت:فجمعه رسول الله وقال:"اقتضوا - أو:اقتضي - شك أسود - ظرفا مكان ظرفك ". قالت:فما قال شيئا .
وقال ابن جرير:حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس ، حدثنا أبي ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن سعد بن هشام:قال:أتيت عائشة أم المؤمنين فقلت لها:أخبريني بخلق النبي صلى لله عليه وسلم . فقالت:كان خلقه القرآن . أما تقرأ:( وإنك لعلى خلق عظيم )
وقد روى أبو داود ، والنسائي من حديث الحسن ، نحوه
وقال ابن جرير:حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، وأخبرني معاوية بن صالح ، عن أبي الزاهرية ، عن جبير بن نفير قال:حججت ، فدخلت على عائشة رضي الله عنها ، فسألتها عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقالت:كان خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن .
وهكذا رواه أحمد ، عن عبد الرحمن بن مهدي . ورواه النسائي في التفسير ، عن إسحاق بن منصور ، عن عبد الرحمن بن مهدي ، عن معاوية بن صالح به
ومعنى هذا أنه ، عليه السلام ، صار امتثال القرآن أمرا ونهيا سجية له ، وخلقا تطبعه ، وترك طبعه الجبلي ، فمهما أمره القرآن فعله ، ومهما نهاه عنه تركه . هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم ، من الحياء ، والكرم والشجاعة ، والصفح ، والحلم ، وكل خلق جميل . كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال:خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي:"أف "قط ، ولا قال لشيء فعلته:لم فعلته ؟ ولا لشيء لم أفعله:ألا فعلته ؟ وكان - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا ، ولا مسست خزا ، ولا حريرا ، ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شممت مسكا ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال البخاري:حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبد الله ، حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق قال:سمعت البراء يقول:كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وجها ، وأحسن الناس خلقا ، ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير
والأحاديث في هذا كثيرة ولأبي عيسى الترمذي في هذا كتاب "الشمائل ".
قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت:ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده خادما له قط ، ولا امرأة ، ولا ضرب بيده شيئا قط ، إلا أن يجاهد في سبيل الله . ولا خير بين شيئين قط إلا كان أحبهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما ، فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم ، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله ، فيكون هو ينتقم لله ، عز وجل
وقال الإمام أحمد:حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن محمد بن عجلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ". تفرد به