{وَأَنصِتُواْ}: اسكتوا من أجل الاستماع .
الإنصات والاستماع لقراءة القرآن
{وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} لتعيشوا مع آياته أجواء الروح وآفاق الحقّ ،ولتأخذوا منه المنهج السليم لحركة الإنسان في الحياة ،ولتنفتحوا فيه على كل خيرٍ وبركةٍ ،ولتلتزموا بأحكامه في حلاله وحرامه ،ولتحملوا مفاهيمه العامة كقاعدةٍ منفتحةٍ على الجانب المشرق من حقائق الحياة ،ولتتحرك خطواتكم في الطرق المستقيمة التي يشير إليها فكره النيّر ومنهجه السليم ...{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لأن في ذلك كله الرحمة كل الرحمة ،التي لا تتمثل في القرآن كعاطفةٍ وانفعال ،بل تتحول إلى منهجٍ للفكر وللحياة .وهذا هو التوجيه الإلهي الذي يريد للمؤمنين أن يجعلوا من القرآن كتابهم الذي يقرأونه قراءة وعي ،ويستمعون له استماع تأمّل ،وينصتون له إنصات خشوع وتفكير ،ليتحرك في كل آفاق حياتهم ،فيكون فكره هو الفكر الذي يحملونه لتتميز به شخصيتهم الفكرية عن كل فكرٍ آخر ،وتكون شريعته هي شريعتهم ،ليرفضوا به أية شريعةٍ أخرى من صنع الإنسان ،وتكون وسائله وأهدافه هي وسائلهم وأهدافهم في خطواتهم العملية في الحياة ...ولا يريد لهم أن يكون كتاباً للبركة أو للحفظ أو للتفاؤل والاستخارة أو غير ذلك من الأمور التي تبتعد به عن جوّه الرسالي الذي أراده الله هدىً للناس .